كل عام وانتم بخير بحلول شهر رمضان المبارك
سيكون لنا بعض الوقفات والتوصيات يوميا ان شاء الله
إنَّ الحمد لله نحمَدُه ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهدِ اللهُ فلا مُضِلّ له ومن يُضلِلْ فلا هادي له وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه من بعثهُ اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه اللهُ عنّا خيرَ ما جزى نبياً من أنبيائه صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى كلِّ رسول أرسله.
أما بعدُ عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ العظيم.
وبادئ ذي بدء ومع هذا الشهر الكريم وجب لنا أن نتناول موضوع النية وإخلاصها لله عز وجل
يقول الله تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ} البقرة 264
ويقول تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}الكهف110
عباد الله إن المُراد بالشرك في هذه الآية هو الشركُ الأصغر وهو الرياء فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا وما الشرك الأصغر؟ قال : الرياء"صحيح
فسُمّي الرياء بالشرك الأصغر لأنّه يشبه العبادة لغير الله فهو من كبائر الذنوب وليس مما يخرج من الإسلام
وفي ذلك دلالة على عِظَم ذنب المرائي.
تعريف الرياءُ : العَمَلُ لأجلِ الناس أي ليمدحوهُ ويُحبطُ ثوابَ العمل فمن صلّى أو صام أو حجّ أو قرأ القرءان أو تصدق أو أحسن إلى الناس بقصد أن يمدحه الناس وبقصد إجلال الناسِ له فلا ثواب له بل عليه إثمٌ كبير بمراءاته.
والرياء يا عبادَ الله من معاصي القلب
واعلموا يا عبادَ الله أنَّ الرياء خطرُه عظيم وأنَّ النجاة منه تحتاج لجهد كبير ومراقبة للنفس شديدة لأنَّ القلب سريع التقلّب واذكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" متفق عليه
وإليك هذا الحديث الخطير ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت
قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال هو جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأالقرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها
قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك
القرآن
قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارىء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها
قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك
قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" رواه مسلم
واعلموا يا عباد الله أنَّ الثواب والرياء لا يجتمعان فقد " جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه" حسن صحيح
فاجتهدوا يا عباد الله في العبادة مع إخلاص النية لله ونقُّوا قلوبكم من الرّياء المفسد للأعمال وراقبوا جوارحكم وقلوبكم ، والإخلاص لله وحده هي من الدرجات العلا والتي نسأل الله أن ننالها
ونجد توصيف لعباد الله المخلصين في سورة الصافات والتي نأمل أن نعيش بين أياتها الليلة
ومن أخلص لله عز وجل ارتقى بقلبه عن الرياء والشرك
اللهم ارزقنا وإياكم الإخلاص